خالد عبدالنبي، زعيم "جيش عدن - أبين الإسلامي" لـ"الشارع": رفضت دعوة لحضور الاجتماعات في صنعاء لأن السلطة ليس لديها أي مصداقية، وبعض الذين حضروا هذه الاجتماعات هم عبارة عن سماسرة ومرتزقة لا علاقة لهم بموضوع الجهاد إطلاقاً < بعض الذين حضروا الاجتماعات في صنعاء هم من أجهزة الأمن والاستخبارات، بل ومنهم من هو من صعاليك الشوارع والأسواق لا ينسب لهم حتى الالتزام الديني، فما بالك بالجهاد < هناك ممارسات عنصرية تُمارس ضد الجنوب على مستوى المراكز والوظائف، وأي شخص من أبناء الجنوب لا يستطيع أن يقيم مشروعا استثماريا كبيرا دون شريك يُفرض عليه من قبل السلطة الحاكمة < الاحتجاجات الجنوبية كلمة حق يُراد بها باطل، وإذا ازدادت الأوضاع سوءاً في الجنوب سأكون مع الحق، والناس يعرفون أين الحق < الآن تتضح الصورة تماماً؛ أن رؤوس الاحتجاجات الجنوبية معروف أنهم قادة الحزب الاشتراكي الهالك، وإذا كان لدى أصحاب الاحتجاجات قضية فلماذا لا يقومون بها بأنفسهم دون أي عمالة < في 94 كان الناس مؤملين على تغيير الوضع من الأسوأ إلى الأفضل، لكن استشرى الفساد والفوضى، ولم يحدث ما كنا نأمله < الدولة عشوائية، وليس لديها أي مصداقية، فالناس الذين قاتلناهم عام 94 باسم الشيوعية والإلحاد أُخرِجوا من الباب وأُدخِلوا من النافذة < تم عودة كثير من عناصر الحزب الاشتراكي بألبسة جديدة، كلباس المؤتمر مثلاً، ونحن لا نؤمن بالحزبية لأنها دعوات جاهلية وآثارها السلبية واضحة في المجتمع حاوره: نائف حسان السبت الماضي زرت خالد عبد النبي، زعيم "جيش عدن -أبين الإسلامي"، إلى بيته الواقع وسط مدينة جعار في أبين. وصلت بعد الـ10 والنصف صباحاً، ولم أجد صعوبة في الوصول إلى البيت. أجريت مكالمة تلفونية مع الرجل، فطلب مني أن أصل إلى جوار مسجد في المدينة، لم أعد أذكر اسمه، وأسأل هناك أي شخص عن بيته. وقد دلني على البيت أول شخص سألته في الشارع. أوقفنا السيارة أمام بيت بطابقين ينقصه تلبيس خارجي بالإسمنت، وبعد أقل من دقيقتين ظهر من باب البيت شاب ملتحٍ ممتلئ الجسم. صعدنا، سالم العولقي وأنا، سلالم إسمنتية دون بلاط، ومتجهة إلى الأعلى بشكل مُبالَغ فيه. صافحنا الشاب، ثم تبعنا خطاه متجاوزين عتبة البيت إلى بهو مفتوح يفترض أنه ممر أو صالة لكنه ليس هذا ولا ذاك. انعطفنا يميناً، ودخلنا غرفة مقابلة فيها مكتبة ثراثية. أُغلق باب الغرفة، التي وجدنا فيها شابين ملتحيي الدقون، صافحناهما ثم جلسنا على أحد فرشي الجلوس اللذين تم وضعهما كامتداد أرضي للمكتبة، التي أخذت شكل زاوية عمودية في أحد أركان الغرفة. بعد أقل من 3 دقائق فُتح باب الغرفة ودخل خالد عبد النبي، بقامته الطويلة ولحيته العريضة. بعد المصافحة الترحيبية المعتادة؛ سأل الرجل عن نقاط الحوار، الذي أريد إجراءه معه. كنت أحاول تجهيز المسجلة الخاصة بي، حين سألني باستغراب، فيه قدر كبير من الحذر، عما إذا كنت أُسجل. قلت له إني أحاول فقط تجهيز المسجلة، لأني تفاجأت أن زر التسجيل فيها لا يعمل رغم أني اشتريتها جديدة في الصباح من عدن، بسبب ذات المشكلة في مسجلتي القديمة. تنبه الرجل وأرشدني للخلل المحتمل؛ ولعل ذلك عائد إلى اعتماد العمل الدعوي على التسجيل. حين أخرجت الكاسيت من المسجلة وجد أن بيتيه الخلفيين مكسوران بالفعل، وذلك، يمنع زر التسجيل من العمل. حين يئست من عمل المسجلة، وضعتها بعيداً مني كي يتأكد أنها مغلقة، ثم دخلنا الأجواء المفترضة لهذا الحوار. برر الرجل مخاوفه وقلقه من إجراء فكرة هذا الحوار، بسبب عدم الدقة والحذف، الذي قال إنه أدى إلى تحريف مواقفه وابتسار إجاباته في اللقاء الذي أجراه معه مؤخراً مراسل صحيفة "الراية" القطرية. حاولت تطمينه، إلا أنه أصر على الاطلاع المسبق على محاور الأسئلة التي أريد أن أطرحها عليه. لم يكن لدي نقاط محددة مكتوبة أو مرتبة، بل رؤية ذهنية عامة عن الموضوعات التي يفترض بي الحديث حولها في هذا اللقاء. بدأت من الحديث عن خبر إعلان توحيد تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية، وعندما قلت له إني أريد، مثلاً، أن أعرف رأيه بهذا الإعلان الذي أصدره الوحيشي، قال إنه لا يريد الحديث عن ذلك لأنه شأن يخص تنظيم القاعدة. أدركت أن الرجل يريد تحاشي التورط في إعلان موقفه المساند لـ"القاعدة"، وتجاوز موقف الإدانة الذي يفترض أن يصدر منه ضد هذا التنظيم، الذي تجمعه به صلات جهادية قديمة في أفغانستان، وأواصر فكرية مازالت قائمة حتى اليوم. تفهمت حساسية الأمر، وقلت إن ذلك من حقه. ولأن المسجلة خذلتني اضطررت إلى كتابة هذا الحوار في مفكرة شخصية وضعتها على بلاط الغرفة. < ظهر لك مؤخراً موقف معارض للاحتجاجات في الجنوب، وهناك من يقول إنك تبنيت هذا الموقف بالاتفاق مع السلطة.. ما ردك على ذلك؟ - بسم الله الرحمن الرحيم.. يا أخي المشكلة الآن أن كل من تكلم وقال رأي قد يكون ظاهر هذا الكلام أنه ضد الحراك، وأنه مع الدولة، والناس يؤولوا أن ذلك مع الدولة.. ولكن هناك حقائق واجب علينا أن نتكلم فيها رضي من رضي وسخط من سخط. وللأسف أن الناس في هذا الزمن أكثرهم يقرؤا ولا يفهموا. الكلام الذي تكلمناه في صحيفة "الراية".. قلنا إذا كان الحراك مدعوم من قبل بريطانيا وبعض الدول الأخرى فهذه عمالة واضحة. وتكلمنا في نفس هذه الجريدة [الراية]، وقلنا إنه إذا كان ولابد لهؤلاء الناس [المنضوين في الاحتجاجات الجنوبية] وعندهم قضية فلماذا لا يقومون بها بأنفسهم دون أي عمالة، وبالذات الآن تتضح الصورة تماماً أن رؤوس هذا الأمر الذين ينادون إليه معروف أنهم قادة الحزب الاشتراكي الهالك، اللهم إنه تغيرت الأسماء والمسميات فقط.. كانوا في السابق باسم الجناح الشرقي، الآن باسم الجناح الغربي. < هل هناك تحالف بينكم وبين السلطة لمواجهة الاحتجاجات الجنوبية؟ - أنا شخصياً لم أحضر هذا اللقاء الذي حدث حول هذا الأمر [يقصد دعوة الجهاديين واللقاء بهم في صنعاء]، وهذا الموضوع ليس له أي صلة بنا كما يفهم بعض الناس خطأ. < سمعنا أنه وُجِهت لك دعوة لحضور هذه اللقاءات في صنعاء، وقيل إنك رفضت تلبية الدعوة.. - نعم رفضت. < لماذا؟ - لأن الدولة ليس لديها أي مصداقية. < أي مصداقية تقصد..؟ - يعني أقول لك إنه في 94 كان الناس مؤملين على تغيير الوضع من الأسوأ إلى الأفضل، لكن لم يحدث شيء من ذلك، ولم تحدث الوعود بتصحيح الأوضاع. < تصحيح أي الأوضاع.. السياسية أو الاجتماعية؟ - كلها.. بل بالعكس استشرى الفساد والفوضى، ولم يحدث ما كنا نأمله. < هل يعني هذا أن افتراقا سيحدث بينكم وبين السلطة بعد هذا التوافق الطويل؟ - يعني أنا لا أعرف ماذا تقصد بالافتراق، وهل نحن أصلاً مجتمعين حتى نفترق. < جميع اليمنيين يعرفون أن خالد عبدالنبي فضل، منذ ما بعد حرب 94، عدم الاصطدام بالسلطة عبر مراجعة مسألة الأعمال الجهادية. ومذاك وما بعد أحداث حُطاط هناك شبه هدنة بينك وبين السلطة. - بالنسبة لهذه المواضيع صعب جداً أن الإنسان يتخذ موقف فيها في ظل هذه الأوضاع، ونحن انشغلنا بأمور مهمة مثل الدعوة إلى الله. < مسألة الدعوة التي وجهت لك للصعود إلى صنعاء.. هل وجهت لكم هذه الدعوة رسمياً أم عبر وسطاء..؟ - اتصلوا بي بعض الشباب الذين حضروا.. ورفضت. < يبدو أن هناك كان.. - [مقاطعاً] أريد أن أقول لك إن بعض الذين حضروا الاجتماعات في صنعاء لا علاقة لهم بموضوع الجهاد إطلاقاً وإنما هم عبارة عن سماسرة ومرتزقة. < كلامك يعني أن السلطة ليس لديها فرز واضح في هذا الأمر. - لا يوجد.. والدليل أنه حتى إن بعض الناس الذين حضروا في هذه المجالس هم من أجهزة الأمن والاستخبارات، بل ومنهم من هو من صعاليك الشوارع والأسواق لا ينسب لهم حتى الالتزام الديني، بغض النظر عن الجهاد. < يعني أنت لم تحضر الاجتماعات في صنعاء بسبب ذلك؟ - لا. ليس لهذا السبب.. أنا هنا أريد أن أوضح لك أن الدولة عشوائية، وسبب رفضي الحقيقي هو لأني مقتنع قناعة تامة أن الدولة ليس لديها أي مصداقية حتى في المواقف، فالناس الذين قاتلناهم عام 94 باسم الشيوعية والإلحاد أُخرِجوا من الباب وأدخلوا من النافذة. يعني أن القضية اتضح أنها عند الدولة ليست قضية مبدأ وإنما مصالح سياسية. < ماذا تقصد بأن الذين قاتلتموهم عام 94 خرجوا من الباب وعادوا من "الطاقة".. هل أنت غاضب من عودة عدد من قيادات الحزب الاشتراكي وانضمامهم إلى الدولة والحزب الحاكم؟ - نحن قاتلناهم لسببين: السبب الأول أنهم لم يكونوا يمثلوا شريعة الإسلام، وهذا السبب الرئيس. عاش الشعب الجنوبي 27 سنة في ظل حكم مُلحِد لا يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر. السبب الثاني هو أن مواقف الحزب الاشتراكي كانت واضحة لإبادة الشباب المجاهد، لأنهم كانوا يرون أنهم العقبة الحقيقية أمامهم. فمن الطبيعي أن الشباب يقفوا هذا الموقف. وبالنسبة للوضع الآن تم عودة كثير من عناصر الحزب الاشتراكي بألبسة جديدة مثل لباس المؤتمر مثلاً.. وفي الحقيقة ولاؤهم الحقيقي للحزب، وهم الآن يتباكون على القضية الجنوبية. وأنا من أبناء الجنوب، وأبناء الجنوب مظلومين، وبغض النظر عن وجود حقائق في هذه المسائل، إلا أن ذلك كلمة حق يراد بها باطل. < ما الذي دار في اللقاءات الأخيرة التي تمت في صنعاء؟ - لا أعرف لأني لم أحضرها. < ألم يبلغك بعض الذين حضروا بما دار في هذه اللقاءات؟ - لا. < ما رأيك بما يحدث اليوم في الجنوب؟ - هناك أشياء حاصلة بين الشمال والجنوب؛ كالفساد، وهناك أشياء تخص الجنوب فقط؛ مثل العنصرية، التفرقة العنصرية حتى على مستوى المراكز والوظائف. التفرقة واضحة حتى في قضية الجانب الاقتصادي. الآن هل تعتقد أن أحد أبناء الجنوب يستطيع أن يقيم مشروع استثماري كبير دون شريك يُفرض عليه مقابل لا شيء؟ < شريك من الشمال؟ - شريك من السلطة الحاكمة. < طيب إذا تطور الوضع وازداد سوءاً؛ أين ستكون أنت؟ - مع الحق، والناس يعرفون أين الحق. < كيف يمكن حل المشكلة القائمة في الجنوب؟ - تقصد المخرج..؟ < نعم. - نحن الأصل عندنا الإسلام، ونحن يجب أن نعود إلى أصلنا، سواء كنا شماليين أو جنوبيين. لو أن الناس كلهم خضعوا للإسلام، وطبقوا الإسلام؛ هل كان سيحدث شيء من هذه المعمعات والفوضات والدعوات الجاهلية؟ لماذا نحن نقول هذا الكلام؟ نقول ذلك لأن الإسلام ينبذ التفرقة والحزبية. التحزبات هذه ما أنزل الله بها من سلطان، وآثارها السلبية واضحة في المجتمع. الشيء الثاني أن الإسلام يعطي كل ذي حق حقه. < لكن هناك من يقول إن الإسلام دين روحي، وأن البديل هو النظام والقانون والمواطنة المتساوية. - يعني نفهم من هذا السؤال أن الإسلام جهل وظلم، وهذا الكلام بحد ذاته كفر وخروج عن الملة، والذي يقوله أو يعتقده، أو ينادي إليه، الإسلام بريء منه. < لكن النظام والقانون والمواطنة المتساوية لا تختلف أو تتعارض مع الإسلام.. - إذا كان الإسلام لا يختلف معها فلماذا يتم الدعوة لها كبديل. الإسلام هو مخرج الأمة كلها عرباً وعجماً. أنا أتحدث عن الإسلام الحقيقي وليس الإسلام المزيف. < ما زال لك موقف حاد من الاشتراكي وقياداته رغم أنهم في وضع مختلف عما كان عليه.. يعني الحزب الاشتراكي ليس لديه اليوم سلطة ولا يقوم بالأعمال التي قلت إنها سبب حربكم له عام 94: ملاحقة "الشباب المجاهد"، الدعوة للإلحاد.. - أقول لك شيئاً: ليس العبرة بالحزب الاشتراكي فقط. نحن لا نؤمن بهذه الحزبيات جملة وتفصيلاً؛ سواءً الرابطة، الإصلاح، المؤتمر.. أو غيرها من الأحزاب.. لأن هذه دعوات جاهلية. بالنسبة لاعتدال الحزب الاشتراكي.. أيام الحكم الاشتراكي كانوا يقولون كفر من حديد يعني "لا إله والحياة مادة" والإنسان القديم كان قرد.. الآن يقولوا كفر من حرير.. يعني الكفر الروسي كفر حاف، الآن الكفر الأمريكي الغربي، المسلط على رقاب المسلمين، يقول إن الإنسان القديم كان يتسلق الأشجار.. من هو الذي يتسلق الأشجار.. هو القرد. < أيش رأيك بالتحالف القائم اليوم بين الاشتراكي والإصلاح الذي يضم قيادات دينية كبيرة كالزنداني..؟ - أصلاً نحن نرى أن هذه المسالك الحزبية، والدعوات الجاهلية، والانشقاقات لا تخدم البلاد، وهي عبث. عبث بأموال الشعب، عبث بأوقات الشعوب، عبث.. < أسألك عن الوضع في أبين.. شهدت هذه المحافظة، خلال الفترة الماضية، اختلالات أمنية كثيرة كالتفجيرات واقتحام مقرات حكومية من قبل مسلحين، واليوم يقال إن هناك جماعة في جعار قتلت نحو 6 أشخاص بحجة أنهم شواذ.. - [مقاطعا] والله هذه عصابات مسلحة لا علاقة لها بجيش عدن -أبين. < عصابات مسلحة.. من يدعمها؟ - الله أعلم. < أيش وضع جيش عدن -أبين.. الآن؟ - سبق وتحدثت عن هذا الموضوع، وقلت إنه لا يوجد في الوقت الحالي ما يسمى بجيش عدن -أبين الإسلامي. < هل تعتقد أن السلطة تقف خلف الاختلالات الأمنية التي تعيشها أبين؟ - ربما.. وأدعو العقال في القبائل أن يتنبهوا لذلك